من القاهرة:مروى بونقيشة
يواصل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة والأربعين (2025) ترسيخ دوره الريادي، ليس فقط كمساحة لعرض أحدث الإنتاجات السينمائية، بل أيضًا كجسرٍ يعيد وصل الأجيال بذاكرة الشاشة العربية. وقد أضفى المنظمون هذا العام بُعدًا تراثيًا مهمًا من خلال مشروع الترميم الرقمي، الذي يهدف إلى إحياء كلاسيكيات السينما العربية وإعادتها إلى الجمهور بصيغة بصرية وصوتية تليق بقيمتها التاريخية والفنية.
الترميم الرقمي… بين التقنية والدلالة الثقافية
شهدت أيام المهرجان انعقاد ندوة خاصة بعنوان “الترميم الرقمي: إحياء التراث البصري للسينما العربية”، شارك فيها رئيس المهرجان حسين فهمي إلى جانب عدد من المخرجين وخبراء الترميم. وتناول المتحدثون أهمية الترميم باعتباره عملية تتجاوز الجانب التقني، لتمسّ جوهر الهوية البصرية للسينما العربية، وما تمثّله من إرث فني وثقافي يجب الحفاظ عليه.
قائمة الأفلام المرمّمة في الدورة الـ46
وفي هذا الإطار، أعلن المهرجان عن ترميم أكثر من 20 فيلمًا كلاسيكيًا، يمثلون قمة الإنتاج السينمائي المصري والعربي عبر عقود من الزمن، ومنها:
1. قصر الشوق – حسن الإمام
2. بين القصرين – حسن الإمام
3. شيء من الخوف – حسين كمال
4. القاهرة 30 – صلاح أبو سيف
5. الزوجة الثانية – صلاح أبو سيف
6. الحرام – هنري بركات
7. السمان والخريف – حسام الدين مصطفى
8. الشحات – حسام الدين مصطفى
9. السراب – أنور الشناوي
10. المستحيل – حسين كمال
11. زوجتي والكلب – سعيد مرزوق
12. غروب وشروق – كمال الشيخ
13. قنديل أم هاشم – كمال عطية
14. جريمة في الحي الهادئ – حسام الدين مصطفى
15. الرجل الذي فقد ظله – كمال الشيخ
16. امرأة في الطريق – عز الدين ذو الفقار
17. الناس والنيل – يوسف شاهين
18. خان الخليلي – عاطف سالم
19. ليل وقضبان – أشرف فهمي
20. مراتي مدير عام – فطين عبد الوهاب
21. الطريق – حسام الدين مصطفى
تُعتبر هذه الأفلام من رموز السينما المصرية، وتعود لأهم فترات تاريخها الفني، حيث تحمل كل منها بصمة خاصة تعكس التغيرات الاجتماعية والسياسية التي مرت بها المنطقة، مما يجعل عملية ترميمها مهمة ثقافية وحضارية بالدرجة الأولى.
حسين فهمي: احترام الأصل وصون الهوية
وخلال الجلسة، عبّر حسين فهمي عن موقف واضح من عملية الترميم، مؤكدًا أن احترام الأصل هو الأساس. وقال:
«يجب الحفاظ على الأفلام المرممة باللونين الأبيض والأسود… احترامًا لمجهود صناعها وحفاظًا على ورقتها دون تغييرها.»
وأشار إلى أن جميع الأفلام المرمّمة هذا العام مصحوبة بترجمة تتيح للضيوف الأجانب فهمها والاقتراب من السياق الفني والثقافي الذي ظهرت فيه، وهو ما يعكس توجهًا دوليًا واعيًا لمشاركة التراث العربي مع جمهور أوسع.
كما شدد فهمي على رفضه لفكرة تلوين الأفلام القديمة (Colorisation)، معتبرًا أن إعادة تلوينها قد تشوّه روحها الأصلية، وأن التجارب العالمية في هذا الإطار لم تكن موفّقة، مما يستدعي الحفاظ على النسخة كما خرجت من يد صانعيها.
طموح واسع… وتحديات كبيرة
وكشف رئيس المهرجان أن فريق العمل اكتشف وجود مئات الأفلام التي تحتاج إلى ترميم عاجل، لما تحمله من قيمة تاريخية ووطنية. وأوضح أن الدورة الحالية شهدت ترميم أكثر من 20 فيلمًا، في خطوة تأتي ضمن خطة أوسع تهدف إلى إنقاذ أرشيف كامل من الأعمال التي باتت مهددة بالاندثار نتيجة مرور الزمن أو تدهور النسخ الأصلية.
الترميم… ذاكرة حيّة وجسر بين الأجيال
يرى فهمي أن عملية الترميم ليست مجرد “إصلاح” لنسخ قديمة، بل هي فعل ثقافي يعيد الحياة لصور شكلت وعي أجيال، ويفتح بابًا للتواصل بين الماضي والحاضر. فمشاهدة هذه الأفلام المرممة داخل المهرجان تمنح الجمهور، وخاصة الشباب، فرصة لاكتشاف تاريخ السينما المصرية والعربية، والتعرّف إلى جماليات قد لا تُلتقط في النسخ البالية أو غير الواضحة.
وبذلك، يرسّخ مهرجان القاهرة دوره كمؤسسة لا تكتفي بدعم صناعة الحاضر، بل تتكفل أيضًا بحماية تراث الأمس، ليظل حيًا، نابضًا، ومتاحًا للأجيال المقبلة








