صَرّحَ بوتين ضمن آخر ظهور إعلامي له قائلا “لو انقلبوا على روسيا و شعرنا أننا مهددون، فبإشارة مني سوف يتم تدمير العالم كلّه”.
فهل يجرؤ فلاديمير بوتين على تحدي كل دول وتحالفات المعمورة في سبيل إخضاع أوكرانيا لإرادته؟
ثم إلى أي مدى سيصبر العالم من حول روسيا عن هذه الجرأة الكبيرة و القوية دون القيام بتحرك عسكري فعلي ضد الروس؟
يبدو أن التصريح قوي اللهجة الصادر مؤخرا عن الرئيس “فلاديمير بوتين” يختصر إلى أقصى الحدود عظمة الدب الروسي، اللاهث مؤخرا وراء استرداد حلم الإتحاد السوفياتي، ذلك المجد التاريخي الذي تكالبت ضده القوى العالمية الصاعدة ليسقط و ينهار في ظرف ثلاث سنوات.. و هو ما بقي جُرحًا عميقا في قلوب الروسيين يبدو أنه لم يشف إلى يوم الناس هذا.
و بعد أن استعادت روسيا عافيتها و أصبحت قوة عالمية عظمى، عاد حلم السيطرة على العالم من جديد، و الناظر في خطاب بوتين يدرك جيدا أنه تجاوز كل الحلول السلمية و الدبلوماسية، بإشهاره القوة و التهديد و الترحيب سلاحا في وجه كل من يفكر في الوقوف أمام دبابات و طائرات روسيا التي تقصف في الوقت الراهن أوكرانيا و الأوكرانيين.
* إجابة عن سؤال إمكانية تحدي بوتين للعالم، و الوقوف كحجر عثرة، بل جبل عثرة أمام القوى و التحالفات الدولية الضخمة، يبدو أن الإجابة نعم.. فإعلان الحرب في حد ذاته ثم الدخول فيها بصفة مباشرة يعتبر تحديا صارخا للقوى العالمية الحافظة و المحافظة على السلام.. و يبدو أن هذه الجهات اكتفت منذ اندلاع الحرب بتسليط العقوبات الإقتصادية ضد المارد الروسي أملا في إضعاف روسيا و اجبارها على التراجع عن هذا الصراع، و لكن روسيا واصلت الزحف نحو مبتغاها، و رغم أن الحرب قائمة ضد دولة تلامس أوروبا دون أن تكون منخرطة فيها، إلا أن الأوروبيين لا يزالون في صمت مطبق، و حتى الطلب الأوكراني بالإدراج و الإنتماء للقارة العجوز لا يزال في مَهَبّ الريح، و ما دام لم يُقبَل منذ طرحه الأول، فيبدو أنه لن يُقبَلَ أبدا، فإدراج أوكرانيا كدولة تابعة للإتحاد يعني أن روسيا أصبحت في حرب ضد كامل الإتحاد.
* من جهة أخرى يبدو أن أي تحرك عسكري ضد روسيا في الوقت الحاضر مستبعد جدا، فالجميع يكتفي الآن بالمشاهدة من بعيد، دون حتى اللجوء للتهديد أو التخويف، و ذلك بسبب القوة “الجبارة” التي يهدد بها بوتين كل من سيتجرأ على مقارعته.
إن تهديد بوتين بنسف العالم يجعلنا نقف على أعتاب حرب لا منتصر فيها، و كأن بوتين يقول بالصوت العالي إما أوكرانيا و إما الدمار و الهلاك، و تملك روسيا ترسانة نووية قادرة فعلا على وضع حد و نهاية للبشرية جمعاء، و بالفعل وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوات النووية الروسية في حالة تأهب قصوى، و يعني ذلك أَنْ تتجهَّز أدوات القتال النووية لِأوامر انتشار وإطلاق لحظية قد تحدث في أي وقت.
هذا و تمثل شخصية بوتين المرعبة و الجريئة خطرا يتهدد العالم، و الجميع ينصتون لهذا الرجل حين يتحدث و حين يُصَرّح… فكلامه في نهاية المطاف يتحول إلى قرارات فعلية، فَتَخَيّل عزيزي القارئ لو أن الغضب يجتاح هذا الرجل القادر بضغطة زِرّ على إنهاء كل شيء؟!
بلال بوعلي