شهدت الساحة الثقافية التونسية مساء الأربعاء 10 ديسمبر 2025 حدثًا أدبيًا بارزًا، تمثّل في افتتاح الدورة الثالثة لمنتدى تونس للرواية العربية تحت إشراف وزيرة الشؤون الثقافية السيدة أمينة الصرارفي. ويأتي هذا الحدث في سياق إعادة إحياء التظاهرات الأدبية الكبرى بعد توقّف دام منذ سنة 2019 بسبب جائحة كورونا، في خطوة تؤكد حرص الوزارة على دعم قطاع الآداب وتعزيز مكانة الكتاب في نشر الثقافة وترسيخ الإبداع.
وحمل المنتدى هذه السنة شعار “الحلم في الرواية العربية”، بمشاركة نخبة من الروائيين والمفكّرين من تونس و25 دولة عربية، اجتمعوا في فضاء يكرّس حضور الرواية كجسر للتواصل الثقافي بين الشعوب وكمختبر حيّ لتجارب ورؤى متنوعة. وفي كلمته الافتتاحية، أكّد مدير بيت الرواية السيد يونس السلطاني أهمية هذا اللقاء في فتح حوار بين الأجيال الأدبية وتشجيع الشباب على خوض غمار الكتابة، مشيرًا إلى أن الرواية تبقى عنصرًا أساسيًا في التعبير عن التحولات الفكرية والاجتماعية العربية.
وقد تميّز الافتتاح بعرض موسيقي بعنوان “حلم”، قدّمته مجموعة “وشج” بمشاركة غالية بن حليمة على العود وأوس بن حليمة على القانون، وبإشراف محمد حاتم هميلة على الإيقاع، في أداء جمع بين الأصالة والتجديد وأضفى على الأمسية أجواء فنية متناغمة مع شعار الملتقى.
ويتواصل البرنامج على امتداد ثلاثة أيام بثراء لافت، حيث تحتضن دار الكتب الوطنية يوم الخميس 11 ديسمبر أولى الجلسات العلمية التي تفتتحها ورقة الأستاذ محمد الخبو حول “تسريد الحلم في الرواية العربية”، تليها مداخلات لعدد من الباحثين والروائيين من مصر والمغرب والسعودية والعراق. وتُستأنف الأشغال بعد الظهر بجلسة ثانية بإدارة الأستاذة آمنة الرميلي، تتناول فيها قضايا الرؤية السردية وعلاقاتها بالحلم، مع مساهمات من كتّاب من الأردن والإمارات وعُمان وتونس وموريتانيا. كما يشمل اليوم زيارة ثقافية إلى متحف باردو.
أما يوم الجمعة 12 ديسمبر، فتنطلق الجلسة الثالثة بإدارة الأستاذة نور الهدى باديس التي تقدّم ورقة بعنوان “الرواية: دفق الأحلام وحواجز الانكسار”، تليها عروض بحثية من ليبيا وتونس والكويت. وتُعقد في الفترة المسائية الجلسة الرابعة التي يديرها الأستاذ محمد عيسى المؤدب، بمساهمات من لبنان وفلسطين والجزائر واليمن، وتتناول العلاقة بين الوعي واللاوعي في الكتابة الروائية ودور الحلم في بناء العوالم السردية. كما يتضمن البرنامج زيارة إلى مركز الموسيقى العربية والمتوسطية “النجمة الزهراء” ولقاءات مفتوحة مع ضيوف الملتقى.
ويختتم المنتدى أعماله يوم السبت 13 ديسمبر بجلسة خامسة يديرها الأستاذ مصطفى الكيلاني، تتناول “المبهم الشبحي” في السرد من خلال نموذج رواية البحث عن وليد مسعود، ثم تعقبها مداخلات من قطر وسوريا والبحرين تتناول حضور الحلم في الروايات النسوية الخليجية، وفي أعمال حيدر حيدر، وفي الرواية العربية الحديثة عمومًا. وتُختتم الفعاليات بلقاءات مفتوحة مع المشاركين ببيت الرواية.
وبعودة هذا الموعد الروائي العربي بعد سنوات من الانقطاع، تؤكد تونس مرة أخرى أن الحلم لا ينطفئ، وأن الأدب يظل قادرًا على النهوض وتجديد ذاته متى توفّرت الإرادة والدعم وإيمان المبدعين بدور الكلمة في تشكيل الوعي الثقافي.
صور ضياء العمراني









