تونس: مروى بونقيشة
يشهد الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة حالة من التوتر غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، وسط تبادل التهديدات والتصريحات العدائية، وسلسلة من الهجمات المتبادلة التي تثير مخاوف من انزلاق المنطقة نحو مواجهة عسكرية مفتوحة.
وجاء التصعيد الأخير بعد تقارير عن غارات إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية إيرانية في محيط العاصمة السورية دمشق، يُعتقد أنها مستودعات أسلحة تابعة للحرس الثوري الإيراني. في المقابل، توعدت طهران بالرد القاسي، معتبرة أن “الاعتداءات المتكررة لن تمر دون عقاب”.
حرب الظل تتحول إلى مواجهة علنية؟
لسنوات، اتخذ الصراع الإيراني-الإسرائيلي شكل “حرب الظل”، حيث استخدمت الدولتان أدوات غير مباشرة مثل الهجمات السيبرانية، والاغتيالات، وضرب الوكلاء في ساحات ثالثة كلبنان وسوريا. إلا أن المحللين يحذرون الآن من احتمال تحوّل هذه الحرب غير المعلنة إلى مواجهة مباشرة، خاصة في ظل التصعيد المتواصل على الحدود اللبنانية وتزايد الضغوط الداخلية على الحكومتين.
“كل المؤشرات تدل على أن الطرفين وصلا إلى نقطة يصعب معها ضبط النفس”، يقول المحلل السياسي د. يوسف كرمي، مضيفًا أن “أي خطأ في الحسابات قد يشعل حربًا إقليمية واسعة، خاصة في ظل وجود حلفاء مثل حزب الله في لبنان وجماعات موالية لإيران في العراق واليمن”.
الملف النووي يزيد من التوتر
يُعد الملف النووي الإيراني أحد أبرز أسباب التصعيد. إذ تتهم إسرائيل إيران بالسعي إلى إنتاج سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران التي تؤكد أن برنامجها لأغراض سلمية. وتزايدت الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية خلال العامين الماضيين، بعضها باستخدام طائرات مسيّرة وأخرى عبر عمليات تخريبية داخلية.
وفي هذا السياق، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى “تحرك دولي عاجل لوقف الخطر الإيراني”، مؤكدًا أن بلاده “لن تسمح لطهران بامتلاك قنبلة نووية، حتى لو اضطرت إلى التحرك منفردة”.
المنطقة على حافة الانفجار
في ظل هذه التطورات، يسود القلق في العواصم الإقليمية والدولية من أن يؤدي التوتر المتصاعد إلى اندلاع حرب لا تُحمد عقباها، خصوصًا مع دخول أطراف إقليمية جديدة على خط الأزمة. ويأتي هذا في وقت تعاني فيه المنطقة من أزمات اقتصادية وسياسية متفاقمة، ما يجعل أي نزاع جديد عبئًا إضافيًا على الشعوب والدول.
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى “ضبط النفس والعودة إلى طاولة الحوار”، مؤكدًا أن “السلام في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه بالقوة، بل بالحلول السياسية المستدامة”.
بين التصعيد الإعلامي والمواجهات الميدانية، يبدو أن الصراع بين إيران وإسرائيل دخل مرحلة حرجة. فهل تنجح المساعي الدبلوماسية في تجنب الأسوأ، أم أن المنطقة تقف بالفعل على أعتاب حرب جديدة؟