يتجدد الموعد الثقافي المنتظر بولاية سليانة من 23 إلى 29 جوان 2025 مع انطلاق دورة جديدة من مهرجان “المسرح والمجتمع”، والذي يُنظم بإشراف مركز الفنون الدرامية والركحية بسليانة وتحت رعاية وزارة الشؤون الثقافية، حاملاً هذه السنة شعار “إنشائية المعنى”.
منذ تأسيسه، سعى المهرجان إلى تجسيد مبدأ اللامركزية الثقافية، عبر إخراج المسرح من القاعات المغلقة إلى الفضاءات العامة، خاصة الأحياء الشعبية المكتظة والتي تفتقر إلى بنية ثقافية وترفيهية. وهو بذلك لا يقدم المسرح كفرجة فحسب، بل كوسيلة علاج اجتماعي ومقاومة ناعمة للعنف والتهميش، إضافة إلى إعادة إدماج المواطن في الفعل الثقافي من خلال الورشات التكوينية والندوات التفاعلية التي تستهدف تطوير المهارات وتعزيز الوعي الجماعي.
وإلى جانب جمهوره من الشباب، يولي المهرجان في هذه الدورة اهتماماً خاصاً بكبار السن والمتقاعدين، عرفاناً لما قدموه من عطاء للوطن، واستجابة لحاجتهم المستمرة إلى التقدير والمشاركة المجتمعية الفعالة.
مهرجان “المسرح والمجتمع” ليس مجرد تظاهرة فنية، بل هو مشروع ثقافي متكامل يضع سليانة على خريطة السياحة الثقافية، ويقدمها كوجهة حاضنة للمبدعين والمثقفين من تونس وخارجها. بفضل طابعه الفريد وطرحه العميق، أصبح هذا المهرجان مرجعاً وطنياً ودولياً، وقبلة للفنانين الذين يسعون لتقديم أعمال تتجاوز العرض إلى التأثير.
كما يؤكد المهرجان من خلال برمجته المتنوعة—التي تشمل العروض المسرحية والموسيقية، عروض السيرك، التربصات، الحوارات الفكرية، واللقاءات مع الكتاب—على أن الفعل الثقافي ليس ترفاً مؤقتاً، بل ضرورة دائمة ومشروع تنموي مستدام يعزز الذائقة العامة، ويرتقي بالوعي الفردي والجماعي.
ويضع المهرجان في صميم رؤيته دور المؤسسة العمومية كمحرك للثقافة، وكحاضنة للمبادرات الجادة التي تتجاوز منطق الاستهلاك السطحي للفن، نحو مشروع ثقافي يقوم على الإبداع، التكوين، والابتكار الجمالي.
دورة 2025 من “المسرح والمجتمع” تجدد العهد مع الجمهور وتفتح آفاقاً جديدة للفن بوصفه لغة التغيير، وأداة بناء مجتمعي، ومساحة حرة للتعبير والخلق.