تحوّل شارع الحبيب بورقيبة في قلب العاصمة تونس، مساء الخميس 12 جوان، إلى مسرح مفتوح للفن والإبداع، حيث انطلقت فعاليات الدورة الثامنة من المهرجان الدولي لفنون السيرك وفنون الشارع، الذي تنظمه جمعية “بابا روني لفنون السيرك” بدعم من وزارتي الشؤون الثقافية والسياحة والصناعات التقليدية، ويتواصل إلى غاية 29 جوان الجاري.
على مدى ساعتين، تفاعل المارة والعائلات والأطفال مع عروض مبهرة ملأت المكان بالحيوية. فبعد عام دراسي مرهق، استقبل الجمهور عروضًا نابضة بالحياة تخللتها ألوان زاهية وموسيقى صاخبة ودمى عملاقة ومهرّجون يرسمون الابتسامة على وجوه الصغار والكبار.
مع اقتراب غروب الشمس، تسللت الأضواء لتتراقص فوق رؤوس الحضور، إيذانًا بانطلاق عروض السيرك، حيث قدّم فنانون من تونس وإيطاليا وإسبانيا والمكسيك والأرجنتين وتشيلي وكينيا عروضًا بهلوانية استثنائية حبست أنفاس الجمهور. أجساد تتمايل في الهواء على أقمشة معلقة، حركات دقيقة على الأطواق المعدنية، وألعاب توازن أبهرت المتفرجين، لتتحول الساحة إلى لوحة فنية نابضة بالحياة.
ولا يقتصر المهرجان على العاصمة، بل ينطلق في جولة فنية تشمل عدة مدن تونسية. حيث يحل يوم 13 جوان في كورنيش رادس، ثم ينتقل إلى دار الثقافة في ماطر (14 جوان)، قبل أن يحطّ الرحال في صفاقس (21 جوان)، فسيدي بوزيد (22 جوان)، فسوسة (26 جوان)، ليختتم فعالياته في زغوان يوم 29 جوان.
ومن أبرز ما يميز هذه الدورة إقامة “قرى فنية” بالشوارع، حيث تتحوّل الفضاءات العامة إلى منصات عرض حيّة، إضافة إلى تنظيم ورشات تكوينية ضمن برنامج “التكوين الفني في فنون السيرك والرقص”، ما يمنح المشاركين فرصة لتطوير مهاراتهم الفنية والانخراط مستقبلاً في المدارس المتخصصة في هذا المجال.
كما تستضيف دار الثقافة ابن رشد بالمحمدية (ولاية بن عروس) إقامة فنية تحت عنوان “اعتمد عليّ” من 13 إلى 15 جوان، بمشاركة فنانين وتلاميذ تحت إشراف الفنانة الإيطالية “كلوديا فرانكو” من سيرك “كوميتا”.
بهذا المشهد الاستعراضي الثري، يواصل مهرجان فنون السيرك ترسيخ حضوره كواحد من أبرز التظاهرات الفنية التي تعيد الحياة إلى الفضاءات العامة وتمنح الجمهور لحظات فرح وتفاعل إبداعي أصيل