مروى بونقيشة
في ظل التحوّل الرقمي المتسارع، تجد الصحافة الإلكترونية في تونس نفسها في قلب أزمة مالية خانقة تهدد وجودها. فبعد أن أصبحت مصدر الأخبار الأول لفئات واسعة من التونسيين، خصوصًا الشباب، باتت هذه المؤسسات تعاني من تراجع حاد في الموارد، وضعف في الإعلانات، وغياب كلي للدعم العمومي.
أصحاب مواقع إخبارية يؤكدون أن الأزمة ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكمات، أبرزها غياب سياسة عمومية واضحة لدعم الإعلام الرقمي، مقابل استمرار امتيازات موجهة للصحافة الورقية التي فقدت جزءًا كبيرًا من قرّائها. ويشتكي هؤلاء من هيمنة منصات عالمية مثل “فايسبوك” و”غوغل” على سوق الإعلانات، ما يحرم المؤسسات التونسية من نصيبها الطبيعي من التمويل.
في المقابل، تبقى محاولات الاعتماد على الاشتراكات المدفوعة أو التمويل الجماعي محدودة التأثير، بسبب ضعف ثقافة الدفع مقابل المحتوى، وغياب الثقة في الكثير من المنصات. هذا ما دفع ببعض المواقع إلى الارتهان لأجندات سياسية أو خارجية، في محاولة لضمان الاستمرارية، وهو ما يهدد استقلالية العمل الصحفي ومصداقيته.
المهنيون في القطاع يطالبون اليوم بتدخل عاجل من الدولة، لوضع إطار قانوني وتنظيمي جديد، يضمن إنصاف الصحافة الإلكترونية ويؤسس لمنظومة دعم شفافة تراعِي شروط الجودة والمهنية. كما يدعون إلى إعادة هيكلة السوق الإعلانية بشكل يحمي المؤسسات الإعلامية المحلية من التهميش.
ورغم التحديات، تُصرّ بعض المبادرات الإعلامية الشابة على الصمود، بحثًا عن بدائل مبتكرة للتمويل، ومعارك يومية للحفاظ على محتوى مستقل وهادف. لكنّ السؤال يبقى مطروحًا: هل ستُكتب النجاة للإعلام الرقمي التونسي، أم سنشهد أفول تجربة واعدة قبل أن تكتمل ملامحها؟